أخبار الأهل والأحبة

البابا يرفع صلاته من الموصل من أجل ضحايا الحرب في العراق والشرق

شارك المقال

رفع قداسة البابا فرنسيس صلاته من أجل ضحايا الحرب في العراق والشرق الأوسط، وذلك خلال زيارته صباح اليوم الأحد مركز حوش البيعة (ساحة الكنيسة) الكائن في مدينة الموصل، وذلك في مستهلّ اليوم الثالث من زيارته التاريخية إلى بلاد الرافدين.

 

 

وفيما يلي صلاة قداسة البابا فرنسيس من أجل ضحايا الحرب

 

كَلِماتٌ تَمهِيدِيةٌ للأبِ الأقدس

 

قَبْلَ أنْ نُصَلِّيَ مِن أجلِ جَميعِ ضَحايا الحَرْبِ في هذهِ المَدينة، المُوصِل، وفي العِراقِ وفي جَميعِ أنحاءِ الشَّرْقِ الأوْسَط، أَوَدُّ أنْ أُشارِكَكُم هذهِ الأفكار:

 

إنْ كانَ اللهُ إلَهَ الحَياة – وَهُوَ كَذَلِك – فلا يَجُوزُ لَنا أنْ نَقْتُلَ إخْوَتَنا باسمِه.

إنْ كانَ اللهُ إلَهَ السَّلام – وَهُوَ كَذَلِك – فلا يَجُوزُ لَنا أنْ نَشُنَّ الحَرْبَ باسمِه.

إنْ كانَ اللهُ إلَهَ المَحَبَّة – وَهُوَ كَذَلِك – فلا يَجُوزُ لَنا أنْ نَكْرَهَ إخْوَتَنا.

 

والآن لِنُصَلِّ معًا مِن أجلِ جَميعِ ضَحايا الحَرْب، لِكَي يَمْنَحَهُم اللهُ القَدير الحَياةَ الأبَدِيَّةَ والسَّلامَ الذي لا نِهايَةَ لَهُ، ولْيَسْتَقْبِلْهُم في حُبِّهِ وحَنانِه. ولْنُصَلِّ أيضًا مِن أجلِنا جَميعًا، حتى نَعيشَ في وِئامٍ وَسَّلامٍ مُتَجَاوِزِينَ الانتِمَاءاتِ الدِينِيَّة، لأنَّنا نُدرِكُ أنَّنا جَميعًا في عَينَيِ اللهِ إخوَةٌ وأخَوات.

الصّلاة

 

أيُّها الإلَهُ العَلِيّ، يا رَبَّ الزَمانِ والتاريخ، بِحُبِّكَ خَلَقْتَ العالَم، وما زِلْتَ تُفيضُ بَرَكَتَكَ على خَليقَتِك، وبالرَّغمِ مِن هَوْلِ الآلامِ والمَوْت، والمَيْلِ إلى العُنْف، والظُلْمِ والمَكاسِبِ الأثيمَة، ما زِلْتَ تُرافِقُ أبناءَكَ وَبَناتِك، أبًا مُحِبًّا حَنُونًا.

 

لكِنَّنا نَحنُ البَشَر، أنكَرْنا عَطاياكَ وَطَغَتْ عَليْنا اهتِماماتُنا وطُمُوحاتُنا الأرضِيَّة. غالِبًا ما نَسَيْنا أفكارَك، أفكارَ السَّلامِ والوِئام. انْغَلَقْنا على ذَواتِنا، وعلى مَصالِحِنا الخاصَّة، ولمْ نَكْتَرِثْ لَكَ ولِلآخرين، فأغْلَقْنا الأبوابَ أمامَ السَّلام. وهكذا تَكرَّرَ ما سَمِعَهُ يونان النَبي عَن نينَوَى: قَدْ صَعِدَ شَرُّ البَشَرِ إلى السَّماء (را. تك 1، 2). لمْ نَرفَعْ إلى السَّماءِ أيْدِيًا طاهرة (را. 1 طيم 2، 8)، بلْ صَعِدَ مَرَةً أُخرَى مِن الأرْضِ صُراخُ الدَمِ البَريء (را. تك 4، 10). سَمِعَ سُكانُ نينَوَى، في قِصَةِ يونان، صَوْتَ نَبيِّكَ وَوَجَدُوا الخَلاصَ في التَوْبَة. نَحنُ أيضًا، يا رَبّ، إنَّنا نُوْكِلُ إليْكَ الضَّحايا الكثيرة لِكَراهِيَةِ الإنسانِ للإنسان، ونَلتَمِسُ مَغْفِرَتَكَ ونَسْأَلُكَ نِعْمَةَ التَوْبَة:

 

يا ربُّ ارحم! يا ربُّ ارحم! يا ربُّ ارحم!

[صمت قصير]

 

أيُّها الرّبُّ إلَهَنا، في هذهِ المَدينةِ رَمزان يَشهَدانِ على شَوْقِ الإنسانِيَّةِ الأبَديّ للاقتِرابِ مِنكَ: جامِعُ النُوري ومَنارَتُه الحَدْباء، وكَنِيسَةُ السَّاعة. إنَّها ساعَةٌ ما زالتْ مُنْذُ أكْثَرَ مِن مائةِ عامٍ تُذَكِّرُ المارَّةَ بأنَّ الحَياةَ قَصِيرَةٌ والوَقْتَ ثَمين. عَلِّمْنا أنْ نَفهَمَ أنَّكَ أنتَ أوْكَلْتَ إلينا خِطَّتَكَ، خِطَةَ مَحَبَةٍ وسَلامٍ ومُصَالحَة، فَنَتَمَكَنَ مِن تَحقيقِها في هذا الزَمَن، في فَترَةِ حياتِنا الأرضِيَّةِ القَصِيرَة. أعْطِنا أنْ نُدرِكَ أنَّهُ فقط مِن خِلالِ العَمَلِ بِحَسَبِ خِطَةِ حُبِّكَ دونَ تأخير، يُمكِنُ أنْ يُعادَ بِناءُ هذهِ المَدينةِ وهذا البَلَد، ويُمكِنُ شِفاءُ القُلُوبِ التي مَزَّقَها الألَم. ساعِدْنا حتَى لا نَقْضِيَ الوَقتَ في خِدْمَةِ مَصالِحِنا الأنانِيَّة، أفرادًا أو جَماعات، بلْ في تَحقيقِ خِطَةِ حُبِّكَ. وإذا ضَلَلْنا أعْطِنا أنْ نُصْغِيَ إلى صَوْتِ رِجالِ اللهِ الصَّادِقين، فَنُصَحِّحَ مَسَارَنا قَبْلَ فواتِ الأوان، حتَى لا نَهْلَكَ مَرَةً أُخرَى في الدَمارِ والمَوت.

 

إنَّنا نُوْكِلُ إليْكَ أولَئِكَ الذينَ تَوَقَّفَتْ حَياتُهُم على الأرْضِ بِسَبَبِ العُنْفِ على يَدِ إخوَتِهِم، ونَطْلُبُ مِنْكَ أيضًا مِن أجلِ الذينَ صَنَعُوا الشَّرَّ لإخْوَتِهِم وأخَواتِهِم: أنْ يَتُوبوا بِفِعْلِ قُوَّةِ رَحْمَتِك.

 

الراحَةَ الأبَدَيَّة أعطِهِم يا ربّ، والنُورُ الدائِمُ فَلْيُضِئْ لَهُم.

 

لِيَسْتَريحوا بِسَّلام. آمين