بالصور .. اللقاء الأول لشبيبة سوريا السريانية الكاثوليكية وزيارة سيادة الرئيس السوري الدكتور بشّار الأسد للمشاركين
سيادة الرئيس السوري الدكتور بشّار الأسد يزور غبطة أبينا البطريرك والمشاركين في اللقاء الأول لشبيبة سوريا السريانية الكاثوليكية، ويعقد معهم لقاءً حوارياً مفتوحاً، صيدنايا – ريف دمشق – سوريا
الرئيس الأسد للمشاركين في لقاء الشبيبة السريانية الكاثوليكية في سوريا: “المسيح قويّ والإيمان به يولّد القوّة، والمسيحيون أقوياء وسكّان أصليّون ومتجذّرون في سوريا… لا قيمة لسوريا بدون السريان”
صباح يوم الخميس 4 تمّوز 2019، وعلى مدى قرابة أربع ساعات امتدّت إلى ما بعد الظهر، استقبل غبطة أبينا البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الكاثوليك الأنطاكي، سيادةَ الرئيس الدكتور بشّار الأسد رئيس الجمهورية العربية السورية، الذي حضر خصّيصاً للمشاركة في لقاء حواري مفتوح مع الشبّان والشابّات المشاركين في اللقاء الأول لشبيبة سوريا السريانية الكاثوليكية، والمنعقد في دير مار توما في صيدنايا، ريف دمشق، من 2 حتّى 6 تمّوز 2019.
فقد فاجأ سيادة الرئيس الأسد الشبّان والشابّات بزيارة عفوية ملأت القلوب فرحاً، فاستقبلوه بحرارة لا مثيل لها، ومشاعر حبّ وتقدير ألهبت قلوب المشاركين، إذ رأوه مترجّلاً سيّارته في العاشرة صباحاً، يحيّيهم بابتسامة عريضة مطمئنة لم تفارقه طوال الوقت حتى انتهاء اللقاء قرابة الساعة الثانية بعد الظهر.
شارك في استقبال سيادة الرئيس أصحاب السيادة المطارنة: مار ديونوسيوس أنطوان شهدا رئيس أساقفة حلب والمدبّر البطريركي لأبرشية الحسكة ونصيبين، ومار يوحنّا جهاد بطّاح المنتخَب رئيساً لأساقفة دمشق، ومار ثيوفيلوس فيليب بركات رئيس أساقفة حمص وحماة والنبك، والآباء الكهنة والشمامسة الإكليريكيون من الأبرشيات الأربع في سوريا: دمشق، حمص وحماة والنبك، حلب، والحسكة ونصيبين، ووفد قادم من أبرشية لبنان البطريركية.
طوال هذا اللقاء التاريخي، كان سيادة الرئيس يبثّ ما في قلبه من اعتزاز بالشبّان والشابّات، وافتخار بروحهم الوطنية. يصغي إليهم باهتمام كبير، ويجيب على مداخلاتهم وأسئلتهم بحكمة وصبر واهتمام، مذكّراً بأنّ سوريا الحضارة تميّزت على مرّ العصور بالعيش الواحد في تنوُّع المعتقدات الدينية والعطاءات الثقافية، ممّا جعلها تعلو على التقوقع والعصبيات والأنانيات، وتصمد في وجه المؤامرات التي حاكتها العصابات التكفيرية الهادفة إلى القتل والسبي والتدمير، ومؤكّداً أنّ سوريا الحقّ والإنسانية لا بدّ وأن تنتصر.
رحّب غبطة أبينا البطريرك بسيادة الرئيس بشّار الأسد شاكراً إيّاه “لهذه المفاجأة الرائعة لشبابنا في أبرشياتنا في سوريا والذين يعقدون مؤتمرهم الأول هنا في صيدنايا بريف دمشق”، مؤكّداً أنّ “شبابنا كلّهم حماس وعيش للمواطنة وأمل ورجاء أنّ الرب الإله الذي وضعوا فيه رجاءهم سيرافقهم في مسيرتهم، مسيرة الشعب السوري الأبيّ، مهما عصفت الصعوبات والمحن والمؤامرات التي تُحاك ضدّ سوريا”.
وتمنّى غبطته لسيادة الرئيس النجاح في أعماله لما فيه خير سوريا بجميع مواطنيها، داعياً لسيادته “بالصحّة والعافية ودوام الصمود وإعطاء الثقة لشبابنا بأنّ سوريا باقية بمعونة الرب”.
وتحدّث سيادة الرئيس الدكتور بشّار الأسد، فشكر غبطتَه على حفاوة الإستقبال وكلمات الترحيب، منوّهاً إلى أنه “كان من المفترض أن تأتوا أنتم إلينا في قصر الشعب، ولكن لا فرق بين اللقاء في قصر الشعب أو في كنيسة الشعب. وبعد أن زرتُ عدداً من الكنائس في سوريا، رأيت من الضروري أن آتي إليكم لأني لم أزركم أبداً بعد أنتم الكنيسة السريانية الكاثوليكية، وأجد اليوم فرصةً سانحةً لي كي آتي أنا إليكم، نحن علينا كمسؤولين أن نفتّش عنكم لا أن تفتّشوا أنتم عنّا”.
ولفت سيادة الرئيس الأسد إلى أنّ “هذا اللقاء لقاء حواري، إذ ليس أجمل من الحوار، ولا شيء يبني المجتمع مثل الحوار. إنّ عدم الحوار هو أساس كلّ مشكلة، لذا فهذا النوع من اللقاءات هام جداً. مهما لديّ من أعمال ومواعيد، فهذا اللقاء الحواري من أهمّ اللقاءات. بدون الحوار نصبح غرباء عن بعضنا البعض، ولو كنّا تحاورنا، لَما كنّا وصلنا إلى وصلنا إليه الآن بخصوص ما يجري في المنطقة وخاصّة في سوريا”.
وأشار سيادة الرئيس الأسد إلى أنّ “أساس هذا النوع من اللقاءات هو الإيمان المبني على المحبّة والتسامح والتواصل مع الآخرين. المسيح قويّ والإيمان به يولّد القوّة، والمسيحيون أقوياء وسكّان أصليّون ومتجذّرون في هذا البلد”.
ونوّه سيادة الرئيس الأسد إلى أنّ “الكنيسة السريانية بالنسبة لنا لها خصوصية، فلا يمكن أن نقول سوري ولا نقول سرياني، ولا يمكن أن نقول سرياني ولا نقول سوري، ولا قيمة لسوريا بدون السريان، والسريان كانوا على الدوام وسيبقون بناة الحضارة والعلم والثقافة، وبقاؤكم أنتم السريان في سوريا مهمٌّ جداً بالنسبة للمسلمين كما للمسيحيين”.
وأكّد سيادة الرئيس بشّار الأسد “أنّ المسيحيين في سوريا لم يكونوا يوماً طارئين في هذه الأرض، بل كانوا ولا يزالون بناة حضارتها وحملة رسالتها الحضارية والإنسانية إلى كلّ العالم، إلى جانب إخوانهم المسلمين”.
واعتبر سيادة الرئيس الأسد “أنّ المسيحية دين المحبّة والإعتدال، وبنشر المحبّة والإعتدال ينتشر التنوّع، وهذه هي قيمة سوريا.
والتجذُّر المسيحي في سوريا ضروري لتعزيز الإعتدال وإغناء التنوّع، وإنّ المسيحيين عبر التاريخ بمواقفهم ووطنيتهم ساهموا بإفشال المشاريع التقسيمية في المنطقة، وأرسلوا ولا يزالون رسالة لرعاة الإرهاب بأنّ كلّ مشاريعهم التقسيمية فاشلة”.
وشدّد سيادة الرئيس الأسد على “أنّ المنطق الوطني لا يقبل أقلّيات وأكثريات، بل تنوّعاً جميلاً وغنىً وتجانساً لشعبٍ كان وسيبقى واحداً على هذه الأرض”، مشيراً إلى أنّ “الحفاظ على هذا التنوّع وإدارته هو مسؤولية كلّ السوريين عبر التواصل والحوار الدائم. فسوريا تعني تنوّع، وبدون التنوّع لا وجود لسوريا، وأنتم المسيحيين لستم أقلّية بل جزء أساسي ومكوِّن أصيل ومؤسِّس في سوريا”.
وأوضح سيادة الرئيس الأسد أنّ “الهوية العربية حالة حضارية لا مفهوم عرقي، وأنّ الحضارة العربية تقبل اندماج الجميع، لكنّها ترفض ذوبان واندثار هوياتهم التاريخية، وتساعد في إثرائها والحفاظ عليها مع بعضها وببعضها”، مؤكّداً أنّ “استهداف المسيحية في سوريا يهدف إلى استهداف التجانس والتنوّع الحضاري والثقافي والديني الذي يتباهى به المجتمع السوري”.
وجاهر الرئيس الأسد أنّ “قوّتي تنبع من قوّة الشعب، فلو لم يكن الشعب قوياً طوال هذه المدّة، لَمَا كانت الدولة قوية ولَمَا كان الرئيس قوياً. قد نخاف ولكنّنا لا نيأس أبداً”.
بدورهم أكّد الشبّان والشابّات المشاركون في اللقاء أنّ انتماءهم ورسوخهم في وطنهم سوريا لا يمكن أن يهتزّ مهما كبرت التحدّيات وتعاظمت الظروف، انطلاقاً من كونهم أبناءً ومواطنين أصيلين في هذا الوطن، ولهم حقّ وعليهم واجب في الدفاع عنه وبنائه وتنميته.
وتطرّق الشباب في مداخلاتهم وأسئلتهم إلى مختلف المشاكل والقضايا التي أفرزتها الحرب والتي يعاني منها السوريون في مختلف المناطق السورية. كما تمّ طرح عدد من الآليات التي يمكن من خلالها تفعيل مساهمتهم كشباب في صناعة مستقبل سوريا وإعادة إعمارها.
وجاءت إجابات سيادة الرئيس الأسد حاملةً في طيّاتها القدر الكافي من الوضوح والدقّة والدراية، انطلاقاً من تأكيد سيادته أنّ “الدولة لا تضع الأفكار إنّما المواطن، أمّا دور الدولة فهو تبنّي الحلول”.
وأهدى غبطة أبينا البطريرك إلى سيادة الرئيس بشّار الأسد الإنجيل المقدس بحسب طقس الكنيسة السريانية الأنطاكية، وجاء في إهداء غبطته: “هذا الإنجيل المقدس هو عربون عن محبّتنا وتقديرنا لشخصكم الكريم المميّز بالوفاء والنضال لخير سوريا الحبيبة وازدهارها، وإعلاءً لحضارتها بين الأمم”.
وبعد خلوة جمعت بين غبطة أبينا البطريرك وسيادة الرئيس الأسد بحثا خلالها آخر المستجدّات، أُخِذَت الصور التذكارية تخليداً لهذه الزيارة التاريخية.
والجدير ذكره أنّ سيادة الرئيس بشّار الأسد قد قدّم مبلغاً مالياً كهدية ومساهمة في تكاليف إقامة هذا اللقاء الذي كان غبطة أبينا البطريرك قد قدّم تكاليفه كاملةً من البطريركية. لذا، وبتوجيه من غبطة أبينا البطريرك، جرى توزيع هدية سيادة الرئيس الأسد بالتساوي على كلٍّ من الشبّان والشابّات المشاركين في اللقاء لتكون بمثابة هدية رمزية تعبّر عمّا يكنّه قلب هذا الرئيس من طيبة ووداعة وروح أبوّة واحتضان لجميع أبناء الوطن.
وبعد هذه الزيارة التاريخية الرائعة والفريدة، غادر سيادة الرئيس بشّار الأسد مودَّعاً من غبطة أبينا البطريرك والأساقفة والإكليروس والمشاركين في اللقاء بمثل ما استُقبِل من الحفاوة والإكرام، ووسط الهتافات والتصفيق الحارّ تعبيراً عن الفرح والشكر على هذه البادرة المميّزة.